التقدم والاشتراكية ينتقد أرقام الحكومة ويعتبر حصيلتها "فشل شامل"

 التقدم والاشتراكية ينتقد أرقام الحكومة ويعتبر حصيلتها "فشل شامل"
الصحيفة - خولة اجعيفري
السبت 20 دجنبر 2025 - 18:03

وضع حزب التقدم والاشتراكية، حكومة عزيز أخنوش أمام ما يعتبره "حصيلة فشل شامل" في نهاية ولاية حكومةٌ دخلت سنتها الأخيرة وهي مثقلة بـ"إخفاقات سياسية واقتصادية واجتماعية وحكامية" متهما إياها بتكريس اختيارات طبقية عمّقت الغلاء، ووسّعت الفوارق، وأضعفت السيادة الاقتصادية، وراجعت المكتسبات الديمقراطية والحقوقية، في مقابل عجز واضح عن استثمار الفرص الكبرى المتاحة للبلاد.

جاء ذلك، في عرضٍ معزز بالمعطيات والأرقام قدّمه محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لـ حزب التقدم والاشتراكية صبيحة اليوم السبت أمام أشغال الدورة السابعة للجنة المركزية، واضعا حصيلة الحكومة الحالية وهي تدخل سنتها الأخيرة تحت مجهر نقدٍ شامل اعتبره الحزب تشخيصا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لما سماه "فشلا بنيويا".

التقرير الذي تتوفر عليه ''الصحيفة" ينطلق من مسلمة أساسية مفادها أن المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد بما تحمله من رهانات داخلية وضغوط خارجية وتحولات اقتصادية واجتماعية عميقة كانت تقتضي وجود حكومة سياسية قوية قادرة على امتلاك الرؤية والجرأة والشرعية الديمقراطية لقيادة الإصلاحات الكبرى.

غير أن الحكومة الحالية، حسب الحزب تبدو بعيدة كل البعد عن هذا الوصف، إذ وهي في "أنفاسها الأخيرة" لا تزال تعيد إنتاج نفس المقاربات التي ثبت فشلها، وتتشبث بنفس الاختيارات التي عمّقت التفاوتات وأضعفت الثقة في الفعل العمومي.

ويؤكد التقرير أن فشل الحكومة لا يُقاس فقط بمعايير النموذج التنموي الجديد الذي يتهمها الحزب بالتنكر لمرتكزاته بل حتى بمعيار التزاماتها الذاتية، وعلى رأسها التعهدات العشرة الواردة في برنامجها الحكومي.

صحيح يقر التقرير، أن هناك بعض الإيجابيات الجزئية، من قبيل تحمّل كلفة الحوار الاجتماعي والرفع من اعتمادات قطاعات حيوية كالماء والصحة والتعليم وارتفاع مداخيل السياحة والفوسفاط وتحويلات مغاربة العالم، إلى جانب تطور حجم الاستثمار العمومي واستمرار دعم بعض المواد الأساسية عبر صندوق المقاصة، فضلا عن تحسن نسبي ومتأخر في معدل النمو، ارتبط في جزء كبير منه بعوامل موضوعية، من بينها التساقطات المطرية في الموسم الفلاحي الماضي، غير أن هذه المؤشرات، بحسب حزب "الكتاب" لا تخفي العجز العميق للحكومة عن استثمار الفرص التنموية الكبرى المتاحة، سواء المرتبطة بالتحضير لتنظيم تظاهرات رياضية قارية وعالمية وما يستتبعها من أوراش بنيوية مهيكلة، أو بزخم الانتعاش الاقتصادي لما بعد جائحة كورونا، أو بالمكانة المتقدمة التي راكمها المغرب على المستويين الإفريقي والدولي.

على المستوى السياسي، رسم التقرير صورة قاتمة لأداء حكومة يعتبرها الحزب "تكنوقراطية في الشكل، طبقية في الجوهر" تفتقد إلى الحس الديمقراطي وتتعامل مع المؤسسات والفاعلين بمنطق الهيمنة.

ويستحضر التقرير في هذا السياق، ما وصفه بالهجوم الممنهج على مؤسسات الحكامة الوطنية، والاستخفاف المتكرر بأدوار البرلمان والمعارضة، إلى جانب اعتماد أساليب تكميم الأفواه، سواء عبر الإغراء أو التهديد والوعيد كما يسجل أن عددا مهما من التعيينات في الإدارة العمومية تم تفصيلها على مقاس الحزب الأغلبي، في مساس صريح بمبدأي الاستحقاق وتكافؤ الفرص.

ويذهب التقرير أبعد من ذلك، متحدثا عن تراجعات حقوقية واضحة في عهد الحكومة الحالية، شملت حرية الاحتجاج، والحق في ممارسة الإضراب وحرية الصحافة والتعبير.

ومن أبرز مظاهر الفشل السياسي حسب التقدم والاشتراكية، تعطيل مسار الارتقاء بالمساواة وتمكين النساء من حقوقهن الكاملة، وهو ما يدفعه إلى مطالبة الحكومة بالإسراع بإخراج مشروع المدونة الجديدة للأسرة بما يستجيب لمتطلبات الإصلاح الحقيقي والتحديث الفعلي، بدل الاكتفاء بالخطاب.

أما الفشل الاقتصادي، فيقدمه التقرير بوصفه نتيجة مباشرة لاختيارات طبقية واضحة لا مجرد أخطاء تقنية في التدبير فالحكومة، بحسب الحزب، اعتمدت سياسة اقتصادية قائمة على التصدير والاستيراد، تخدم لوبيات وشبكات مصالح أوليغارشية تتحكم في التجارة والتوزيع في قطاعات الفلاحة والصناعة والتجارة، وتُبقي الاقتصاد الوطني في حالة تبعية وارتهان لتقلبات السوق الدولية، بدل توجيهه نحو تلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين.

هذه الاختيارات، يضيف التقرير، هي التي عمّقت الغلاء الفاحش في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، بفعل المضاربات والاحتكارات والتفاهمات غير المشروعة، في ظل صمت حكومي اعتبره الحزب تواطؤا أو عجزا.

ويستعرض التقرير مؤشرات هذا الفشل الاقتصادي، من بينها ضعف متوسط النمو خلال الأربع سنوات الماضية رغم الإمكانات المتاحة، وتراجع الاستثمار الخصوصي وهيمنة الاقتصاد غير المهيكل، الذي يضم أكثر من مليوني وحدة إنتاجية غير منظمة، فضلا عن الصعوبات الخانقة التي تواجهها المقاولات الصغرى جدا والصغيرة والمتوسطة، مع تسجيل نحو عشرة آلاف حالة إفلاس سنويا.

 ويسجل الحزب في هذا السياق، التأخر الكبير في إخراج نظام دعم هذه المقاولات الذي لم يرَ النور إلا في نونبر 2025، بدل نهاية 2023 كما نص عليه ميثاق الاستثمار ما يعزز حسب التقرير، التخوف من استغلال انتخابي متأخر لهذا البرنامج.

لكن جوهر الفشل الاقتصادي كما يلح التقرير، يتجسد في أعطاب السيادة الاقتصادية، سواء التجارية أو الغذائية أو الطاقية أو الدوائية أو المالية فقد ارتفع العجز التجاري من 200 مليار درهم سنة 2021 إلى 334 مليار درهم سنة 2025، في ظل مساهمة صناعية ضعيفة في الناتج الداخلي الخام، لم تتجاوز 15.3 في المائة سنة 2024، إلى جانب بلوغ المديونية مستويات مقلقة.

ويستشهد التقرير بأرقام دالة، منها استيراد أدوية بقيمة 10.8 مليارات درهم في سنة واحدة، 2024، واستيراد مواد طاقية بما يقارب 130 مليار درهم كمعدل سنوي خلال السنوات الأربع الأخيرة، فضلا عن استيراد مواد غذائية بقيمة 92 مليار درهم في السنة نفسها.

ويربط الحزب هذه الأرقام بخيارات فلاحية اعتبرها مدمرة، تقوم على استنزاف الفرشاة المائية عبر الزراعات التصديرية، مع توجيه استثمارات عمومية ضخمة لتحلية مياه البحر، تُمنح للفلاحة الكبرى التصديرية بأسعار بعيدة عن كلفتها الحقيقية، على حساب الأمن المائي والغذائي، وحق الشرب والفلاح الصغير والحاجيات الفعلية للمواطنين كما يسجل التقرير تغييبا شبه تام للأبعاد الإيكولوجية، وما يستلزمه ذلك من حماية الثروات الطبيعية وإعادة توجيهها لخدمة الإنسان والسيادة الاقتصادية.

وفي مجال الحكامة، يرسم التقرير صورة قاتمة تتخللها "فضائح متتالية" تتعلق بالصفقات العمومية والفساد وتضارب المصالح، والتغاضي عن الريع والاحتكارات، مع توجيه الدعم العمومي لخدمة لوبيات بعينها.

ويشير إلى استمرار الأرباح الفاحشة في سوق المحروقات، رغم قرارات مجلس المنافسة وتفجر شبهات تنازع المصالح المرتبطة برئيس الحكومة وعدد من الوزراء، في ملفات من قبيل محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، وصفقات الأدوية، ومستلزمات مدارس الريادة، والمستشفيات الجامعية.

كما ينتقد التقرير توجيه دعم عمومي ضخم، مثل دعم أرباب النقل الذي ناهز 8.6 مليارات درهم، دون أثر ملموس على الأسعار، فضلا عن الدعم المباشر والإعفاءات الجمركية والضريبية لاستيراد المواشي، فيما عرف إعلاميا بفضيحة "الفراقشية".

 وبخصوص البرنامج الجديد لإعادة تشكيل القطيع الوطني، بكلفة 12.8 مليار درهم، يؤكد الحزب أنه سيتابع عن كثب حكامته وأثره على المربين الصغار والمتوسطين، لتفادي تكرار اختلالات الإحصاء وصرف الدعم.

ويستحضر التقرير تراجع المغرب في مؤشر مدركات الفساد من المرتبة 73 سنة 2018 إلى 99 سنة 2024، مع تقديرات تفيد بأن الفساد يكلف الاقتصاد الوطني نحو 50 مليار درهم سنويا، تتحمل عبئها الفئات الضعيفة، في وقت تعتبر فيه 68 في المائة من المقاولات المغربية أن الفساد منتشر أو منتشر جدا.

ويضيف التقرير أن ضعف العدالة الجبائية يتجلى في حجم الاستثناءات الضريبية، التي تمثل حوالي 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي 32 مليار درهم سنة 2025، فضلا عن تأخر إصلاح القطاع العام، حيث تناهز خسائر الميزانية المرتبطة بالمحفظة العمومية 60 مليار درهم سنويا.

اجتماعيا، يصف التقرير الوضع بـ"المقلق" في ظل استمرار الغلاء، وتدهور مستوى معيشة نحو 80 في المائة من الأسر خلال السنة الأخيرة، مقابل نسبة ادخار لا تتجاوز 2.3 في المائة كما يسجل بلوغ البطالة مستويات قياسية، مع فقدان مئات الآلاف من مناصب الشغل، وفشل الحكومة في الوفاء بالتزامها بإحداث مليون منصب شغل، ورفع نسبة نشاط النساء من 20 إلى 30 في المائة، إذ تراجعت فعليا إلى ما بين 18 و19 في المائة.

ويشير التقرير إلى تعمق الفقر والهشاشة، مع تسجيل 2.5 مليون فقير سنة 2024، 72 في المائة منهم في العالم القروي، و3 ملايين في وضعية هشاشة، 82 في المائة منهم قرويون، فضلا عن اعتماد أكثر من 4 ملايين أسرة على الدعم الاجتماعي المباشر، بما يفنّد، حسب الحزب، وعود توسيع الطبقة المتوسطة.

كما يسجل التقرير فشل تعميم الحماية الاجتماعية، مع بقاء نحو 8.5 ملايين مغربي خارج التغطية الصحية الفعلية، وتعثر إصلاح التقاعد، وعدم إطلاق ورش التعويض عن فقدان الشغل. ويبرز أن المؤمنين صحيا يؤدون أكثر من 60 في المائة من مصاريف العلاج، في ظل هيمنة القطاع الخاص ولوبيات الأدوية، مع كلفة علاج في المصحات الخاصة تفوق المستشفى العمومي بنحو خمس مرات، واستفادة هذا القطاع من معظم نفقات صناديق التأمين الصحي المهددة بالإفلاس.

وفي ما يتعلق بالمرفق العمومي، يؤكد التقرير أن الحكومة تسير في اتجاه تفويت مقنّع للتعليم والصحة، حيث ارتفع عدد المصحات الخاصة من 408 سنة 2022 إلى 473 سنة 2025، بمعدل 22 مصحة سنويا، إلى جانب إحداث نحو 1100 مؤسسة تعليمية خاصة خلال الفترة نفسها.

كما ينتقد الحزب الصيغ المعتمدة لتمرير قوانين التعليم المدرسي والتعليم العالي، لما تنطوي عليه من مساس بمجانية التعليم، مسجلا مغادرة نحو 300 ألف تلميذ للمدرسة سنويا، وانقطاع حوالي نصف الطلبة عن الجامعة دون شهادة.

ويضيف التقرير أن اللجوء إلى ما يسمى "التمويلات المبتكرة" بلغ نحو 140 مليار درهم بين 2022 و2026، مقابل 21 مليارا فقط بين 2019 و2021، في إطار خفض محاسباتي وهش لعجز الميزانية.

أما على مستوى العدالة المجالية، فيسجل التقرير فشل الحكومة في تقليص الفوارق، مع تمركز نحو 70 في المائة من الفقراء و60 في المائة من الهشاشة في خمس جهات.

وينتقد هزالة اعتمادات "صندوق التنمية الترابية المندمجة" حيث لم تشمل المعالجة سوى 36 مركزا من أصل 542. كما يستحضر تعثر برنامج تأهيل مناطق زلزال الحوز، إذ لم تتجاوز الاعتمادات المعبأة 15.5 مليار درهم إلى غاية أكتوبر 2025، بدل 120 مليارا كانت موعودة.

ويختم التقرير بالتشديد على أن تنظيم مونديال 2030 يجب أن يكون بمنطق "نربحو كاملين" متسائلا عن غياب المشاريع في أقاليم وجهات بأكملها، رغم الاعتزاز بالأوراش الكبرى، ومؤكدا أن الرهان الحقيقي هو أن يكون المغرب في موعد 2030، ليس فقط بنيويا، بل اجتماعيا ومجاليا وديمقراطيا وحقوقيا أيضا.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...